و كذلك كان ظنى

2.12.10



و كذلك كان ظني


كانت من اجمل الحفلات التى حضرتها فى حياتى , قابلت فيها كثير ممن افتقدتهم,  كل من خطر ببالى , و كذلك من لم أتخيل  رؤيته , ملأتنى سعادة كأننى نسيت هموم الدنيا للحظات , و مع ذلك شعرت بأنى مازلت في شوق لرؤية شخص آخر . اصبحت عادتى منذ سنوات حينما أكون فى أى مكان أجلس فى زاوية أرى فيها معظم الحضور ان لم يكن كلهم , كأنى أبحث بينهم عن شيء ثمين فقدته , تتسحب عينى بينهم فى صمت , تنظر فى أعينهم جميعا و تعود حزينة يائسة, و لكن هذا اليوم كان مختلفا , فى وسط ألف شخص التقطت عينين او هى جذبتنى , جذبتنى و عزلتنى عما حولى ملأت فراغا فى قلبى سببته السنين , شعرت بأني وجدت ما كنت أبحث عنه , و  لكنى فجأة فقت مما كنت فيه,  أصبحت حائرا لا أدرى ما أفعل .. فبعد كل هذه السنين وجدتها ...


أول مرة رأيتها كانت صدفة و اول مرة كلمتها فيها كانت صدفة , و هكذا بقيت الصدف تجمعنا حتى لم تعد بالنسبة لنا صدفة , فى عينيها سحر يسرق عينيك و لكن بكل ارادتك , فى ابتسامتها نور يضئ له قلبك , فى كلامها نغم ينساب فى أذنيك , وجودى معها خيال لا أريده أن ينتهى ..... أهذا حب , أهذا الذى يشعل فى قلبى نارا لا أود أن أطفؤها ابدا , أصبحت حياتى كلها , أردت أن أخبرها أنى أحبها , و  تحمست لهذا , و لكن كلما رأيتها يثقل لسانى , تهرب عينى منى , ماذا لو أنها مجرد أوهام , ماذا لو أنها لا توافقنى, خفت من أن تعرف,  فتبعد , فأندم .... و بقيت هكذا حتى تفرقنا , لما لا و الدنيا قادرة على ما هو أكبر من هذا. و لكن بعدها ندمت , و وددت لو يعود بى الزمن و أقولها حتى و ان صح ظني و افترقنا , على أن نفترق دون أن أخبرها , يتقطع قلبى كل يوم , كان فى عينيها شوق لها , و ودت لو تسبقنى بها , و لكنها خافت مثل خوفى.


كل هذه الذكريات مرت أمامى, كل هذه السنوات التى مضت رأيتها فى نظرة واحدة, نظرة أطاحت بحصنا شامخا بنيته فى قلبى أو أنه كان موجودا و لكنى هجرته لأعوام , و ذكرتني به , لقد أزالت الرماد عن قلبى , و أشعلت نيرانه . فهذا الذى كنت أبحث عنه فى وسط الناس ,فمن كثرة البحث تهت , و ضاع هدفى بين من أبحث بينهم ...... هربت منها سريعا , تسللت بين الحضور إلى خارج القاعة مسرعا , لا أدرى لحسن حظى أم لسوءه , رأيتها سبقتنى هربا , لا مفر من اللقاء.

لكن ماذا أقول , أخاف أن أتحدث , لم أدرى ما ساقول , أسأقطع لقلبى لسانه , و أتظاهر بالنسيان , أم سأتكلم و يفيض دمعى الذى أوشك أن يهرب من عينى.  قررت أن أذهب اليها و أسألها عن أحوالها حتى يمر الموقف بسلام ..

و حينما بدأت الكلام  " كيف حالك ؟"
نظرت إلى وجهي لثوانى , و كأنها تشبه علىَ  و ردت " هل أعرفك ؟ "


وقفت أمامها مذهولا كأنني تمثال , و لكن وجدت أقدامى تجرني مسرعة هاربة من هذا المبنى , تقذفني لأبعد مكان , وقفت أراجع ما حدث مذهولا , لم اعد أرى ما حولي بوضوح , لم اعد احتمل الكتمان في قلبي, انفجرت بكاء كالطفل فاقد والديه , و أسألنى لما أبكى ؟ ءأبكى فرحا لأنها نسيت و أزاحت هما كالجبال عنى , أم أبكى حزنا لأنها نسيت كل ما كان بيننا , أكل هذه السنين راحت هباء  , ألا تذكر حتى سلامي عليها , ألا تذكر شوقي إليها , الم تتحسس عنقها لترى سلسلة أهديتها لها , و عينيها التي لم أكن أرى فيها غيري , و سحرهما , و سكونها , و رقة كلامها , لا يمكن أن تكون شخصا آخر  ........ و حينما أوقفت قلبي , و تمالكت عقلي , سكنت في النهاية و ارتحت , فهي تستحق ما و من هو أفضل , و فرحت لأنها نسيت ما لم و لن يسل عنه قلبي ما دام ينبض.


و عند رحيلي تاركا كل هذه الفرحة فى القاعة وراء ظهري ,انظر إلى السماء لأقذف إليها همي و أنساه , و مع كل خطوة إلى حياتي البائسة, و كلما ابتعدت شيئا فشيئا  أسمع صوتا خافتا , كلما اقتربت أسمعه انينا و بكاء رقيق , و حينما وصلت اليه ........... و قفت ساكنا مكانى, كدت أسقط من هول ما رأيت ,  رأيتها لا تكاد تحمل نفسها , حتى مالت على سور الحديقة, و قد روت الزهور بدموعها , لا تكاد تتمالك نفسها .


كلانا بكى على حبه , كلانا فضل أن يضحى من أجل من بحب
ظنت أن حبها لى أكبر ......... و كذلك كان ظني

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
موهندس خانة © 2013 | Plantilla diseñada por Ciudad Blogger